«قواعد العشق الأربعون» رواية عن جلال الدين الرومى، للكاتبة التركية «إليف شفق» هكذا يقول عنوان الكتاب، ولكنك تجد نفسك أمام خلقٍ إبداعى ساحر أخاذ، يتنقل بك فى حركة موسيقية دوارة: بين القرن الثالث عشر فى تركيا العثمانية، حيث تصوف الرومى وشمس التبريزى، وإبداع ديوان «المثنوى» ورقصة دراويش المولوية، وبين بيت ومطبخ السيدة: إيلا وروبنشتاين، زوجة طبيب الأسنان الأمريكية، يهودية الديانة، لها أولاد ثلاثة، وتقترب من منتصف العمر، متيسرة تسكن الضواحى، وتعمل فى وقت فراغها، قارئة نصوص لدار نشر متواضعة، يتنقل العمل بين التصوف الإسلامى والجموح الفكرى العاصف هناك، والرتابة والملل البرجوازى فى بوسطن.
وكما تلقى بحجر فى بحيرة ساكنة، وقع فى يد «إيلا» نص روائى لكاتب جديد بعنوان «كفرحلو» يتناول حياة الرومى وشمس: تتحرك المياه الساكنة، ويسحب النص روح المرأة لتقع فى أسر شعر الرومى وشخصية شمس، بل أكثر من ذلك تقع فى علاقة مع كاتب النص عن طريق التراسل الإلكترونى، فينقلب العالم، ويختلط اليوم الحاضر، بالتاريخ الإسلامى الصوفى التركى القديم. وتستمر الدوامات على السطح الساكن، لكى يتشكل أمامنا خلال خمسة فصول وحوالى 500 صفحة، عمل روائى نادر يشغل فراغ القلب ببعض البهجة والحب والذكاء الإنسانى. وترى بالكلمة والصورة والمعنى «أن القرن الحادى والعشرين لا يختلف كثيراً عن القرن الثالث عشر، سيذكر التاريخ أن هذين القرنين كانا عصر صراعات دينية إلى حد لم يسبق له مثيل، عصراً ساد فيه سوء التفاهم الثقافى، والشعور العام بعدم الأمان والخوف من الآخر».
وفى أوقات كهذه، تكون الحاجة إلى الحب أشد من أى وقت، لذلك كان ماء الرواية وبحرها: دين العشق، ومثل درويش يدور حول نفسه تكرر كما جاء فى النهاية: لا قيمة للحياة من دون عشق، لا تسأل نفسك ما نوع العشق الذى تريده، روحى أم مادى، إلهى أم دنيوى، غربى أم شرقى.. ليس للعشق تسميات ولا علامات ولا تعاريف. إنه كما هو نقى وبسيط.
العشق ماء الحياة. والعشيق روح من النار!
يصبح الكون مختلفاً عندما تعشق النار الماء.
0 تعليقات