تمثل هذه الرواية نموذجا إبداعيا للرواية التاريخية في تناولها للأحداث والوقائع، ووضعها في إطار فني رائع، حيث تدور أحداث هذه الرواية في الأندلس والمغرب العربي في القرن الثاني عشر، إذ تعايشت المسيحية والإسلام واليهودية بانسجام واحترام وغنى فكري وحرية معتقد.

أبطال الرواية ، فيلسوفان كانا من أشهر فلاسفة عصرهما ، وكل منهما يدين بدين مختلف ، فأحدهما مسلم (ابن رشد) ، والآخر يهودي (موسى ابن ميمون) .. ويأتي بعد ذلك دور ثانوي للفيلسوف (ابن طفيل) صاحب (حي بن يقظان) .. والذي يتبين أنه اختار اسم (يقظان) لغرض خاص وسري ، وليس كما يبدو لنا ..

مدار الرواية حول المغامرات والرحلات التي يخوضها كل من ابن رشد وموسى ابن ميمون للبحث عن كتاب لأرسطو يجيب على جميع الأسئلة وهو "أهم كتاب خطته يد كائن بشري على مر العصور" ، ويخوض كل من الفيلسوفين الشابين الكثير من الأهوال والمصاعب والألغاز ، وينتقلان من بلد إلى آخر ، لملاقاة هذا الفيلسوف أو ذاك ، وكل فيلسوف يحيلهما على آخر ، في سلسلة سرية طويلة ..

وعلى الرغم من أن كلاً من ابن رشد وابن ميمون كان يخوض مغامرته لوحده دون علم بالآخر ، إلا أنه يسوقهما السبيل كليهما لأن يلتقيان عند رجل حكيم من أهل فاس .. فهل يجدان عنده ما يبحثان عنه؟

في خضم أحداث الرواية ، تدور جملة من الحوارات الفلسفية الميتافيزيقية الشيقة على لسان هذين الفيلسوفين الشابين .. حوارات تدور حول الكون وابتدائه ، وحول العلم والإيمان ، وحول الاتفاق الحقيقي بين الديانات .. وهذا الأمر الأخير بالذات هو ما يريد أن يصل إليه صاحب الرواية .. فهو يحاول أن يصوّر إمكانية التعايش السلمي بين الديانات السماوية ، وهو ما كان واقعاً معاشاً في الأندلس في ظل العدل وسماحة الإسلام ، والوضع وإن تغيّر كثيراً بعد استيلاء الموحدين على بلاد الأندلس والمغرب .. إلا أن صاحب الرواية يحاول أن يوصل رسالة عن طريق الحوارات الفلسفية التي يجريها على لسان شخصيات روايته ..
صاحب الرواية كاتب فرنسي مشهور ، وقد شغل منصب المستشار الخاص للرئيس فرانسوا ميتران فترة رئاسته