مدام بوفاري لـ جوستاف فلوبير


رسمت رواية "مدام بوفاري" ل"جوستاف فلوبير" منذ منتصف القرن التاسع عشر المفارقة الكبرى بين طموح الذات الأنثويّة وأعراف العالم الخارجيّ على خير ما يرسمه السرد لتلك المفارقة، فقد ذهبت السيّدة الفرنسيّة ضحيّة التعارض بين الأحلام الفرديّة للمرأة الشابة في تحقيق أنوثتها، والقيم السائدة في مجتمع محافظ يدعم وجوده بنظام من القيم الجاهزة، فلم تعثر على الأرض التي ترسم عليها أحلام الصبا، وظلّت تبحث عن أمل مفقود أفضى بها إلى الانتحار. 
أفصحت "إيما بوفاري" عن هُويّتها الأنثويّة في مقتبل عمرها، وكشفت عن نزوع عاطفيّ جارف للمتع، وحينما عاق الزواج حركتها، تخطّته غير معترفة بأنّه قادر على ترويضها، فكبحها النظام القيميّ الشموليّ الذي اعتبر ذلك خيانة ينتظرها عقاب كامل، فتهشّمت الأيقونة الأنثويّة، لأنّها وضعت نفسها في تعارض معه، إذ أن كلّ اختيار فرديّ يريد به الإنسان أن يحقق ذاته يجد نفسه في مواجهة مع نظام عامّ لا يقبل بذلك.